من بين المواضيع الفقهية التي تتكرر في بعض الأحيان لدى الأزواج هو السؤال عن حدود المباح والمحظور في العلاقة الزوجية، خاصة فيما يتعلق بالممارسات الجنسية التي لا تنطوي على الإيلاج التقليدي. ومن بين هذه الأسئلة الشائعة: “هل يجوز للرجل أن يضع ذكره بين إليتي زوجته؟”
الشريعة الإسلامية وحدود العلاقة الجنسية
في الإسلام، توجد ضوابط دقيقة تُنظّم العلاقة الزوجية، ليس فقط من حيث التأكيد على حقوق الزوجين والواجبات بينهما، ولكن أيضًا من حيث كيفية ممارسة العلاقة الجنسية. الهدف الأساسي للعلاقة الزوجية في الشريعة هو تحقيق المتعة والراحة بين الزوجين بما لا يتعارض مع الآداب الشرعية، ويحقق المصلحة العامة لكل من الزوج والزوجة.
الضوابط العامة للعلاقة الجنسية
أهم ما يؤكد عليه الإسلام في العلاقة الجنسية هو الحلال والحرام. يُحرَّم على الزوجين ممارسة الجماع في فترة الحيض، كما يحرم الجماع في الدبر. وقد جاء في الحديث الشريف قول النبي محمد صلى الله عليه وسلم: “ملعون من أتى امرأته في دبرها”. وهذا يشير بوضوح إلى أن إيلاج الرجل في دبر المرأة هو محرم قطعًا.
ولكن هنا نأتي للسؤال عن “هل يجوز للرجل أن يضع ذكره بين إليتي زوجته؟”، وهي ممارسة تختلف عن الجماع في الدبر. هذه الممارسة تعرف في الفقه بمصطلح “الإستمتاع بين الإليتين” ولا تتضمن إيلاجًا في فتحة الدبر نفسها.
رأي العلماء في المسألة
الفقهاء اختلفوا في هذه المسألة بناءً على تفسيرهم للأحاديث والآيات القرآنية المتعلقة بحدود الجماع والعلاقة بين الزوجين. ومع ذلك، فإن الرأي الغالب عند العلماء هو أن هذه الممارسة، طالما أنها لا تتضمن إيلاجًا في الدبر، فإنها تعتبر من الأمور المباحة شرعًا، مع التأكيد على ضرورة مراعاة عدم تجاوز الحدود المحرمة.
الحنفية:
يذهب فقهاء المذهب الحنفي إلى أن الاستمتاع بين إليتي المرأة لا يدخل في باب المحرمات، طالما أن الجماع لا يحدث في الدبر. ويرون أن الأصل في العلاقة الزوجية هو الإباحة ما لم يرد نص صريح بالتحريم.
الشافعية:
بناءً على تعاليم المذهب الشافعي، فإن هذه الممارسة أيضًا تعتبر مباحة بشرط تجنب الإيلاج في الدبر. الشافعية يستندون إلى أن الله سبحانه وتعالى قد أباح الاستمتاع بالمرأة في أي موضع من جسمها بشرط عدم إيلاج الذكر في فتحة الدبر.
المالكية:
المالكية يميلون إلى التشديد أكثر فيما يتعلق بالعلاقة الجنسية، لكنهم يرون أن هذه الممارسة تحديدًا تعتبر مباحة، طالما أنها لا تتجاوز الحدود المحرمة مثل الإيلاج في الدبر.
الحنابلة:
المذهب الحنبلي يشابه إلى حد كبير المذهب الشافعي في هذا الجانب. فهم يرون أنه لا حرج في الاستمتاع بين الإليتين طالما لم يحدث إيلاج في الدبر، ويعتبرون أن العلاقة بين الزوجين يجب أن تكون مبنية على التسامح والتفاهم.
الأدلة الشرعية
من الأدلة الشرعية التي يستند إليها العلماء في إباحة مثل هذه الممارسات هو قول الله تعالى في سورة البقرة: “نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ” (البقرة: 223)، حيث تُفهم هذه الآية على أن للزوج الحرية في الاستمتاع بزوجته بشرط أن يكون في المواضع المباحة، ما لم يرد نصٌ صريح بالتحريم.
كما أن هناك أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم تشير إلى ضرورة الحفاظ على حقوق الزوجة وعدم إيذائها، وهو ما يمكن أن يُفهم منه أنه إذا كانت الزوجة راضية ولا يوجد إيذاء أو تعدٍ على حدود الشريعة، فلا حرج في ذلك.
الضوابط الأخلاقية
على الرغم من إباحة هذه الممارسة من الناحية الشرعية، إلا أن هناك بعض الأمور الأخلاقية التي يجب أن يأخذها الزوجان في الاعتبار. من بينها:
- التراضي: يجب أن تكون هذه الممارسات برضا الطرفين. إذ أن العلاقة الزوجية يجب أن تبنى على التفاهم والاحترام المتبادل.
- عدم الإكراه: لا يجوز لأي طرف إجبار الآخر على ممارسة شيء لا يرغب فيه.
- النظافة الشخصية: من المهم الاهتمام بالنظافة الشخصية لتجنب أي مشاكل صحية محتملة.
الخاتمة
في النهاية، يمكن القول إن الإجابة على سؤال “هل يجوز للرجل أن يضع ذكره بين إليتي زوجته؟” تعتمد على فهم الفقهاء للنصوص الشرعية. فالرأي الراجح عند الجمهور هو أن هذه الممارسة مباحة بشرط تجنب الإيلاج في الدبر والالتزام بالضوابط الشرعية والأخلاقية. لكن الأهم دائمًا هو أن يكون هناك تفاهم واحترام بين الزوجين، وأن يسعى كل منهما لإرضاء الآخر ضمن الحدود التي يقرها الدين.